تدخلنا التساعية بعمق أبعد في سرّ الرحمة الإلهيّة. وينبغي عليها أن تتصل بشكل خاصّ بعيد الرحمة. هذا ما كتبته الأخت فوستين: “تبدأ تساعية الرحمة الإلهية التي أمرني يسوع بكتابتها وبالقيام بها قبل عيد رحمة الله، يوم الجمعة العظيمة”.
وقد حدّد لها الربّ النوايا التي يجب عليها أن تقيمها لأجلها: “أرغب أن تقودي مدّة تسعة أيّام النفوس إلى ينبوع رحمتي حتّى تستقي منها القوة والعذوبة وكلّ النِعَم التي تحتاج إليها في حياة عسيرة وعند ساعة الممات خصوصًا. ستقودين كلّ يوم فريقًا آخر من النفوس إلى قلبي وستغمسين إيّاها في هذا المحيط من الرحمة…. ستقومين بهذا طوال حياتك وفي الأبديّة، سوف تتضرّعين كلّ يوم إلى أبي بشفاعة آلامي المبرحة طالبة النعمة لأجل النفوس”. فأجبتُ: يا يسوع، كيف تتلى هذه التساعية؟ ومَن هي تلك النفوس التي ينبغي عليّ أن أقودها أوّلاً إلى قلبك الرحوم؟ فجاءني الجواب: “سوف أعلمك بذلك في كلّ يوم بيومه”.
تُتلى تساعية الرحمة التي نشرتها الأخت فوستين في أي وقت من الأوقات. إلاّ أن الوقت المفضّل لتلاوتها، حسب رغبة الفادي، فيبدأ يوم الجمعة العظيمة ويمتدّ إلى الأحد الجديد. وفي هذا كتبت الأخت فوستين: “أمرني يسوع أن أتلو هذه التساعية قبل عيد الرحمة وينبغي عليَّ اليوم – الجمعة العظيمة – أن أبدأ بتلاوتها لأجل اهتداء العالم أجمع عساه يتعرّف على الرحمة الإلهيّة فتشيد النفوس كلّها بصلاحه: “أتوق إلى ثقة كبيرة من قِبَل خلائقي… لا تخشَ النفس المسكينة من الدنوّ حتّى وان اقترفت ذنوبًا تساوي حبّات رمل الأرض عدًّا إذ كلّ شيء يُنقّى في لجة تحنّني”.
وفي يوم عيد الرحمة الإلهية الذي عقب هذه التساعية -9 نيسان سنة 1937-، غاصت نفس الراهبة في الأعماق الإلهيّة واتّحدت سريًّا بأقانيم الثالوث الأقدس الثلاثة: “كانت نفسي قد غمرها سرور لا شبيه له وعرّف الربّ إليّ سعة رحمته وعمقها.
آه! لو شاءت النفوس أن تفهم كم يحبّها الله. إنّ التشبيهات جميعها، أكثرها رقّة وقوّة ليسَت سوى ظلال باهتة إزاء الواقع”.
اليوم الأول
اليوم الأول:
لنسأل الرحمة لجميع البشر، ولاسيّما لأجل الخطأة.
كلمات ربّنا: “هلّمي اليوم بكلّ الناس، وبالخطأة على وجه الخصوص واغمريهم في محيط فتقلبي المرارة التي ترميني فيها خسارة النفوس إلى حلاوة”.
يا يسوع الكلّيّ الرحمة، يا ذات الرحمة والغفران، لا تحسب علينا خطايانا بل تطلّع إلى الثقة التي نضعها في صلاحك غير المتناهي. إقبلنا جميعنا في مسكن قلبك الكلّيّ الرحمة ولا ترذل أحدًا منه. إننا نضرع إليك بالحبّ الذي يجمعك بالآب والروح القدس.
أبانا… السلام… المجد…
أيّها الآب الأزليّ، أنظر بعين الرأفة إلى جميع الناس، وإلى الخطأة المساكين خصوصًا، الذين لا رجاء لهم غير قلب ابنك الكلّيّ الحنان، ربنا يسوع المسيح. فبآلامه المبرّحة أظهر لنا رأفتك حتّى نستطيع كلّنا أن نمدح قدرتك إلى الأبد. آمين.
اليوم الثاني
اليوم الثاني:
لنصلّ لأجل الكهنة والرهبان الذين تنهمر بواسطتهم الرحمة الإلهيّة على بني البشر.
كلمات ربّنا: “هلمّي بالأنفس الكهنوتيّة والرهبانيّة واغمريها في رحمتي التي لا تسبر. إنها أمدّتني بالقوّة حتّى أحتمل آلامي المبرّحة. فبواسطتها كما عبر قنوات، تنهمر رحمتي على البشر”.
يا يسوع الكلّيّ الرحمة، يا مَن هو مصدر كلّ صلاح، ضاعف في نفس كهنتك ورهبانك وراهباتك النعم حتّى يتمّوا أعمال الرحمة إتمامًا لائقًا ونافعًا ويصحبوا قريبهم بالكلمة والمثل إلى تمجيد أب الرحمة الذي في السماوات التمجيد واجب له.
أبانا… السلام… المجد…
أيّها الآب الأزليّ، أنظر بعين الرأفة إلى مختاري كرمتك، الكهنة والرهبان، واغمرهم بملء بركتك. امنحهم النور والقوة، باستحقاقات قلب ابنك، حتّى يقودوا المؤمنين على طريق الخلاص ويمجّدوا معهم رحمتك اللامتناهية. آمين.
اليوم الثالث
اليوم الثالث:
لنصلِّ لأجل جميع المسيحيّين المؤمنين.
كلمات ربّنا: “هلمّي اليوم بجميع الأنفس التقية والمؤمنة واغمريها في محيط رحمتي. إنّ هذه النفوس قد آستني على درب الجلجلة فكانت قطرة التعزية في وسط محيط المرارة”.
يا يسوع الكلّيّ الرحمة، يا من تمنح بغزارة نِعم كنز رحمتك تقبّل جميع المسيحيّين المؤمنين في مسكن قلبك الكلّيّ الرحمة ولا تبعدهم منه إلى الأبد. نضرع إليك بشفاعة الحبّ الفائق التصوّر الذي يضطرم به قلبك للآب السماويّ.
أبانا… السلام… المجد…
أيّها الآب الأزليّ، أنظر بعين الرأفة إلى تقوى المؤمنين، ميراث ابنك، وباستحقاقات آلامه المبرّحة امنحهم بركتك وأحِطهم بحمايتك الدائمة، لئلا يفقدوا الحبّ وكنز الإيمان المقدّس، بل يمدحون مع جوق الملائكة والقدّيسين رحمتك اللامتناهيّة إلى أبد الآبدين. آمين.
اليوم الرابع
اليوم الرابع:
لنصلِّ لأجل الوثنيّين وغير المؤمنين الذين لا يعرفون بعد الرحمة الإلهيّة.
كلمات ربّنا: “هلمّي اليوم بالوثنيّين والذين لا يعرفونني حتّى الآن. أثناء آلامي المرّة افتكرت أيضًا بهم وحماستهم المستقبليّة عزّت قلبي فاغمريهم في محيط رحمتي”.
يا يسوع الكلّيّ الرحمة، نور العالم، اقبل في مسكن قلبك الرؤوف أنفس الوثنيّين وغير المؤمنين الذي لا يعرفونك حتّى الآن. لتضئ لهم أشعة نعمتك حتّى يستطيعوا أن يمدحوا معنا معجزات رحمتك. آمين.
أبانا… السلام… المجد…
أيّها الآب الأزليّ، أنظر بعين الرأفة إلى أنفس الوثنيّين وأنفس الذين لا يعرفونك حتّى الآن. إنما هي أيضًا قد احتسبت في قلب ابنك، ربّنا يسوع المسيح، الشفوق. ضمّها إلى نور الإنجيل حتّى تدرك عظمة السعادة بحبّك. إجعلهم يمجّدون هم أيضًا إلى أبد الدهور امتداد رحمتك. آمين.
اليوم الخامس
اليوم الخامس:
لنصلّ لأجل التائهين في الإيمان.
كلمات ربّنا: “هلمّي اليوم بأنفس الهراطقة والجاحدين، واغمريها في محيط رحمتي. إنها هي التي مزّقت جسدي وقلبي أي الكنيسة في أثناء نزاعي المرّ، ولكن، عندما تتّحد ثانية بالكنيسة، تلتئم جروحاتي وأشعر بتعزية في آلامي”.
يا يسوع الكلّيّ الرحمة، يا من هو الصلاح بعينه الذي لا يرفض النور للذين يطلبونه تقبّل في مسكن قلبك الكلّيّ الحنان نفوس الهراطقة والجاحدين والتائهين في الإيمان ليجتذبهم نورك إلى الاتّحاد بالكنيسة ولا تحرمهم من حمايتك بل اجعلهم يمجّدون هم أيضًا رحمتك.
أبانا… السلام… المجد…
أيّها الآب الأزليّ، أنظر بعين الرأفة إلى نفوس المنشقّين والجاهدين الذين بذّروا عطاياك واستغلّوا نعمك مستمرّين بعناد في أضاليلهم. لا تنظر إلى رداءتهم بل إلى حبّ وآلام ابنك المرّة الذي صلّى إليك بحرارة فائقة “لكي يكون الجميع واحدًا” (يو 17: 21). إجعلهم يستعيدون هذه الوحدة في أقرب وقت ويمجّدون معنا رحمتك إلى أبد الأبد. آمين.
اليوم السادس
اليوم السادس:
لنصلّ لأجل الأطفال ولأجل النفوس التي تشبّهت بهم.
كلمات ربّنا: “هلمّي اليوم بالأنفس الوديعة والمتواضعة وبأنفس الأطفال واغمريها كلّها في محيط رحمتي إنها تشبه جدًّا قلبي وهي التي كانت تقوّيني أثناء نزاعي المرير…”
يا يسوع الكلّيّ الرحمة، يا مَن قال: “تعلّموا منّي إني وديع ومتواضع القلب”، إقبل في مسكن قلبك الحنون النفوس الوديعة والمتواضعة ونفوس الأطفال. إنّها وإذ غزت السماوات بأسرها مثل باقة عطرة أمام العرش الإلهيّ حيث يتنعّم الله بأريج فضائلها اجعلها تقيم دومًا في قلبك مترنّمة بدون انقطاع بنشيد الحب ورحمة الله.
أبانا… السلام… المجد…
أيّها الآب الأزليّ، أنظر بعين الرأفة إلى الأطفال الصغار وإلى جميع النفوس الوديعة والمتواضعة التي باتت تشبه ابنك الإلهيّ إلى حدّ بعيد والتي تسرّك أنت، يا أبا الرحمة، بإفاضتها أريج فضائلها عند أقدام عرشك. إننا نطلب إليك بالفرح الذي تمدّك به هذه النفوس أن تباركنا وتبارك العالم أجمع، حتّى نستطيع أن نكرّم رحمتك الإلهيّة إلى الأبد. آمين.
اليوم السابع:
اليوم السابع:
لنصلّ لأجل الذين يكرّمون الرحمة الإلهيّة وينشرون التعبّد لها.
كلمات ربّنا: “هلمّي اليوم بالأنفس التي تكرّم وتمجّد بالأخص رحمتي. فقد تقاسمت معي هذه النفوس آلامي وولجت روحي حتّى أعمق أعماقه إنها ظلال قلبي الرحوم. وفي الحياة الأخرى، ستشعّ هذه النفوس إشعاعًا خاصًا فلا تذهب أي منها إلى جهنم. وفي ساعة الموت، تنال كلّ واحدة حمايتي”.
يا يسوع الكلّيّ الرحمة، يا من قلبه حب، تقبّل في قلبك الممتلئ رحمة النفوس التي تكرّم وتذيع رحمتك بنوع خاص. فهي تحمل على منكبيها الناس أجمعين، طالبة لأجلها بدون توقّف من لدن الآب السماوي الغفران والنِعم، وبما انها تتنعّم بقدرة الله وتتّكل دائمًا على رحمتك التي لا يمكن سبرها وتتجاوب مع مشيئته القدّوسة. إجعلها تواظب على غيرتها الأولى حتّى النهاية، ولا تأتِ إليها في ساعة الموت حاكمًا بل مخلّصًا رحيمًا.
أبانا… السلام… المجد…
أيّها الآب الأزليّ، أنظر بعين الرأفة إلى النفوس التي تكرّم وتمجّد خصوصًا صفتك العظمى: الرحمة التي لا تسبر. هذه النفوس هي كإنجيل حيّ، ما دامت في كنف قلب ابنك الشفوق. أيديها ملأى بأعمال الرحمة، ونفسها تترنّم بنشيد مجدك وقد غمرها الفرح. نبتهل إليك، أيّها الإله الرؤوف، أن تظهر لها رحمتك على حسب الرجاء والثقة اللذين وضعتها بك حتّى يتحقّق بذلك الوعد الذي قطعه المخلّص بأنه سيصون كلّ من يكرّم وينشر سرّ رحمتك سحابة حياته وفي ساعة موته. آمين.
اليوم الثامن
اليوم الثامن:
لنصلّ لأجل الأنفس المطهريّة المسكينة.
كلمات ربّنا: “هلمّي اليوم بالأنفس التي في المطهر واغمريها في لجة رحمتي لكي تلطف سيول دمي من حروقها. هذه الأنفس جميعها عزيزة لديّ بينما هي تتمّ العدل الإلهيّ. وفي مقدورك أنت أن تجلبي لها بعض التخفيف إذا ما استقيت من كنز الكنيسة استغفارات وتقادم تكفيريّة…”
يا يسوع الكلّيّ الرحمة، يا من قلت: “كونوا رحماء كما أن أباكم رحيم” (لو 6: 36)، نبتهل إليك أن تتقبّل في مسكن قلبك الزاخر بالرحمة الأنفس المطهريّة العزيزة عليك التي تتمّ العدل الإلهي. ليت دفقات الدم والماء المنبجسة من قلبك تخمد ألهبة نار المطهر لكي تظهر هناك أيضًا قدرة رحمتك.
أبانا… السلام… المجد…
أيّها الآب الأزليّ، أنظر بعين الرأفة إلى الأنفس المتألمة في المطهر، وباستحقاقات آلام ابنك المبرّحة والمرارة التي ملأت حينئذٍ قلبه الأقدس ارحم مَن هم الآن تحت نظر عدلك. إننا نتوسّل إليك أن تنظر إلى هذه الأنفس من خلال جروحات ابنك الحبيب متيقّنين أنّ صلاحك ورحمتك ليس لهما حدّ. آمين.
اليوم التاسع
اليوم التاسع:
لنصلّ لأجل الأنفس الفاترة.
كلمات ربّنا: “هلمّي اليوم بالأنفس الفاترة واغمريها في لجّة رحمتي. إن هذه الأنفس تجرح قلبي جرحًا مؤلمًا: وفي بستان الزيتون هي التي أضمرت لي أكثر البغض وانتزعت مني هذا التحسّر: “أيها الآب، أبعد عني هذه الكأس! ولكن لا تكن مشيئتي بل مشيئتك” (لو 22: 42). إنّ آخر لوحة للنجاة بالنسبة إليها، هو اللجوء إلى رحمتي”.
يا يسوع الكلّيّ الرحمة، يا من هو الصلاح بالذات، تقبّل في مسكن قلبك الأنفس الفاترة. ولتشتعل هذه النفوس الصقيع التي ملأتك بالنفور أثناء نزاعك في جبل الزيتون بنار حبّك الصافي. يا يسوع الكلّيّ الشفقة، استخدم قدرة رحمتك واجتذبها هي الأخرى إلى أتّون حبك نفسه حتّى إذا ما اضطرمت بغيرة جديدة تقوم بخدمتك.
أبانا… السلام… المجد…
أيّها الآب الأزليّ، أنظر بعين الرأفة إلى الأنفس الفاترة التي هي أيضًا موضوع حبّ قلبك الكلّيّ الرحمة، قلب ابنك وربّنا يسوع المسيح. يا إله الرحمة وكلّ تعزية، نضرع إليك باستحقاقات آلام ابنك الحبيب المبرّحة وبنزاعه على الصليب ثلاث ساعات أن تجعلها تمجّد دون توقّف عظمة رحمتك إلى دهر الدهور وقد اضطرمت حبًّا. آمين.